الخميس، 25 أكتوبر 2018

تجربتي مع الأذكار الإسلامية



لا يرى المسلمون في تكرار الأذكار بطريقة "المانترا" حرجاً بل هي في لب فقه الذكر والتعبّد به، حتى وإن حصره السلفيون في أعداد معينة وردت في الأحاديث الصحيحة (بين الواحد والمئة في الأحاديث الصحيحة وقد تتجاوز إلى الألف في الأحاديث الأقل وثوقية ) ...
ما لفت نظري في فضائل هذه الأذكار إن الفضائل فيها معكوسة الأثر ، فما يعد به الحديث الصحيح من تخفيفٍ للحزن والمرض ودفعٍ للبلاء لا يحدث بل قد يحدث العكس ويظل تأكيدُ الحديثِ لغزاً .... والأمثلة كثيرة منها الحديث الصحيح :-
"مَن عادَ مرِيضاَ لم يحضُر أجلُه، فقال عنده سبعَ مِرار: أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أن يشفيَك، إلا عافاه اللهُ من ذلك المرضِ" ... الذي أجزمُ إنّ أكثر المتدينين المسلمين يجربونه فلا يجدون له أثراً يُذكر ولا حتى بالصدفة، وتظل الأعداد وسرّها لغزاً آخر، فلماذا يُشترط هذا العدد أو ذاك إن لم يكن في الأمر تٙشبُّه بأعمال السحرة والكهّان، مع إننا قد نجد لأعمال السحرة أثراً حتى وهي أعمال ملعونة ولا نجد للقرآن والدعاء أثراً ولا في الحلم حتى مع قوله:"لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ لرأيته خاشعاً متصدّعاً من خشية الله "
من الأمثلة التي كنت مقتنعاً بها خلال إسلامي هو قول أحد المتصوفة (ابن عطاء الله السكندري) :"من هلله أجلّه ومن سبّحهُ أصلحهُ ومن حمده أيّدهُ" ... أي من أكثر من ذكر "لا إله إلا الله" فإن الله سوف يعزّه ويجلّه جزاءاً له على إجلاله لله عزوجل، ومن واقع تجربتي كمسلم سابق ، حيث كنت أداوم الذكر وبالذات ذكر التهليل "لا إله إلا الله" آلاف المرات يومياً تطبيقاً للحديث الصحيح " أفضل الذكر لا إله إلا الله" .. فإنني كنت ألاحظ تراكم الهمّ والمشاكل مع كثرة الذكر بهذا الشكل ،فقد تبيّن لي فيما بعد إن تكرار الذكر يسبب التوتر النفسي والمشاكل النفسية والعصبية، وهذا أحد الجوانب السلبية لتكرار الأذكار عموماً، وهذا ليس غريباً فلطالما سبّب الإكثار من الأذكار بهذا الشكل للمتصوفة هلوسات لدرجة اعتقدوا انهم يلتقون بمحمد في اليقظة ويسمعون كلام الملائكة، وللعلم فإن الإكثار من الأذكار يتمثّل خصوصاً في الطقوس التي يسميها السلفيون أذكار الصباح والمساء ( قبل طلوع الشمس وقبل غروبها بعد صلاتي الفجر والعصر) حيث ذكر محمد في الأحاديث الصحيحة إن اتصال الذكر بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس يعادل عمرة إلى بيت الله "تامّة تامّة تامّة"... والتكرار في الألفاظ بهذا الشكل يدلّ على التأكيد مما كان يغريني بتطبيقه وبما إنّ الفترة الزمنية كانت طويلة فكنت أحاول استغلالها الإستغلال الأمثل بمداومة التهليل هكذا ..."لا إله إلّا الله ... لا إله إلّا الله... "، وحسب ما تسعفني الذاكرة لم تكن هناك أيّام أشدّ سواداً ودماراً نفسياً ومعاناةً أكثر من تلك الأيام التي كنت أداوم فيها على تلك الأذكار، مع إنني كنت أداوم فيها بأفضل الأذكار حسب أصح الأحاديث المتواترة فما بالك بغيرها، وتتضاعف المصائب مع الإلتزام بتلاوة القرآن الذي هو أكثر شؤماً بشهادة الكثير ممن تركوا الإسلام، فلا توجد سكينة أبداً في تلك الآيات المزيّفة، ولا عجب فهي محشوّة بكثير من الكلمات الحاقدة المليئة بأوصاف العذاب والتنكيل بالأسرى بحيث لا يمكن لشخص منصف أن يتصوّر وجود سكينة أو نزول رحمة معها، لذلك يلتزم المسلمون بقراءتها بدون فهم ،وعادةً ما يستدلون برؤيا رأى فيها الإمام أحمد ابن حنبل ربه فسأله عن أفضل ما يتقرّب به العبد إلى ربّه ، فقال له : بكلامي يا أحمد !( أي بقراءة القرآن)، فسأله : "يا رب بفهم أو بغير فهم ؟!"، فقال له:" بفهم وبغير فهم" (انظر مناقب الإمام أحمد لابن الحوزي) ..
ولذلك نسمع إن السلف كانوا يختمون القرآن بأعداد خيالية ( بعضها مستحيل علمياً) ويستحيل معها الفهم والتدبّر... وعلى الصعيد الواقعي وبغض النظر عن التنظير فإنّ الفهم والتدبّر عادةً ما يأتي في آخر الأولويات بالنسبة للقارىء المسلم (العربي والأعجمي) لعدة أسباب منها صعوبة ألفاظ القرآن وتحريم ترجمة القرآن ( أو نزع القدسية من النص المترجم باعتباره ليس قرآناً أو ليس كلام الله)....
وكل هذه الإعتبارات تؤكّد إن طقوس الذكر "ميكانيكية وآلية" في الإسلام لا روح فيها ولا فائدة منها ، ولطالما رأينا صور الطغاة وسارقي أقوات الشعوب والمترفين يحملون المسابح في أيديهم ولا نكاد نراها في يد شخص تقي مخلص صادق أبداً.