الأحد، 24 يناير 2016

إغتيال كعب بن الأشرف




صفحاتٌ من كتاب " الرحيق المختوم" وأي رحيق؟! ...
صفحاتٌ تقطر بالسم الزعاف والحقد المقدس...
لا أجد مبرراً لتسمية كتاب كهذا بالرحيق المختوم، فما فيه من الدموية واحتقار الروح البشرية يتنافى تماماً مع هكذا تسميات ...
اقرأ معي قصة اغتيال "كعب بن الأشرف" بنسختها المصححة في هذا الكتاب الموثّق والحائز على جائزة "السيرة النبوية"...
ولاحظ إن محمد يستعين بأخ كعب من الرضاعة " أبو نائلة"  في المفرزة التي بعثها لقتله، أي أنّه يستعين بالأخ ليقتل أخيه، كما فعل في غزوة بدر فجعل الإبن يقتل أباه...
ولاحظ أيضاً أسلوب الغدر والكذب والنفاق الذي استعملته عصابة الموت، ولاحظ إن  الطريقة التي اتخذها أبونائلة في الغدر بأخيه تذكرك بطريقة يهوذا الإسخريوطي في الغدر بالمسيح غير إنها كانت أشد فظاعةً بكثير ...
ولاحظ أيضاً انتكاس الفطرة و المنطق المغلوط  عند محمد بالشكل الذي جعله يدعو لمفرزة الموت "اللهم أعنهم" كانه يرسلهم لمهمةٍ دعوية ..ثم بعد ذلك  يشرع في الصلاة والدعاء لهم كما يدعو الأب الحنون لأبناءه من دون أن يشعر بالتناقض أو يحس بوخز الضمير ...
ثم في نهاية القصّة يرجعون ظافرين حاملين له أجمل هديّة لدراكولا الأنبياء ...ألا وهي رأس كعب بن الأشرف يقطر دماً ... فيستقبلهم فرحاً مسروراً داعياً لهم ..." أفلحت الوجوه"... وأي فلاحٍ في أبشع أنواع الإجرام والغدر ...
لا أملك إلا أن أقول منتهى التفسخ الأخلاقي ...
فلنقرأ ولنحكم ...
"كان كعب بن الأشرف من أشد اليهود حنقاً على الإسلام والمسلمين، وإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتظاهرا بالدعوة إلى حربه .
كان من قبيلة طيئ ـ من بني نَبْهان ـ وأمه من بني النضير، وكان غنياً مترفاً معروفاً بجماله في العرب، شاعراً من شعرائها . وكان حصنه في شرق جنوب المدينة خلف ديار بني النضير .
ولما بلغه أول خبر عن انتصار المسلمين، وقتل صناديد قريش في بدر قال : أحق هذا ؟ هؤلاء أشراف العرب، وملوك الناس، والله إن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها .
ولما تأكد لديه الخبر، انبعث عدو الله يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، ويمدح عدوهم ويحرضهم عليهم، ولم يرض بهذا القدر حتى ركب إلى قريش، فنزل على المطلب بن أبي وَدَاعة السهمي، وجعل ينشد الأشعار يبكي فيها على أصحاب القَلِيب من قتلى المشركين، يثير بذلك حفائظهم، ويذكي حقدهم على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعوهم إلى حربه، وعندما كان بمكة سأله أبو سفيان والمشركون : أديننا أحب إليك أم دين محمد وأصحابه ؟ وأي الفريقين أهدي سبيلاً ؟ فقال : أنتم أهدي منهم سبيلا، وأفضل، وفي ذلك أنزل الله تعالى : "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً ".
ثم رجع كعب إلى المدينة على تلك الحال، وأخذ يشبب في أشعاره بنساء الصحابة، ويؤذيهم بسلاطة لسانه أشد الإيذاء .
وحينئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من لكعب بن الأشرف ؟ فإنه آذى الله ورسوله "، فانتدب له محمد بن مسلمة، وعَبَّاد بن بشر، وأبو نائلة ـ واسمه سِلْكَان بن سلامة، وهو أخو كعب من الرضاعة ـ والحارث بن أوس، وأبو عَبْس بن جبر، وكان قائد هذه المفرزة محمد بن مسلمة .
وتفيد الروايات في قتل كعب بن الأشرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال : "من لكعب بن الأشرف ؟ فإنه قد آذى الله ورسوله "، قام محمد بن مسلمة فقال : أنا يا رسول الله، أتحب أن أقتله ؟ قال : "نعم ". قال : فائذن لي أن أقول شيئاً . قال : " قل ".
فأتاه محمد بن مسلمة، فقال : إن هذا الرجل قد سألنا صدقة، وإنه قد عَنَّانا .
قال كعب : والله لَتَمَلُّنَّهُ .
قال محمد بن مسلمة : فإنا قد اتبعناه، فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه ؟ وقد أردنا أن تسلفنا وَسْقًا أو وَسْقَين .
قال كعب : نعم، أرهنوني .
قال ابن مسلمة : أي شيء تريد ؟
قال : أرهنوني نساءكم .
قال : كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب ؟
قال : فترهنوني أبناءكم .
قال : كيف نرهنك أبناءنا فيُسَبُّ أحَدُهم فيقال : رُهِن بوسق أو وسقين هذا عار علينا . ولكنا نرهنك الَّلأْمَة، يعني السلاح .
فواعده أن يأتيه .
وصنع أبو نائلة مثل ما صنع محمد بن مسلمة، فقد جاء كعباً فتناشد معه أطراف الأشعار سويعة، ثم قال له : ويحك يا بن الأشرف، إني قد جئت لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عني .
قال كعب : أفعل .
قال أبو نائلة : كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء، عادتنا العرب، ورمتنا عن قَوْسٍ واحدة، وقطعتْ عنا السبل، حتى ضاع العيال، وجُهِدَت الأنفس، وأصبحنا قد جُهِدْنا وجُهِد عيالنا، ودار الحوار على نحو ما دار مع ابن مسلمة .
وقال أبو نائلة أثناء حديثه : إن معي أصحاباً لي على مثل رأيي، وقد أردت أن آتيك بهم، فتبيعهم وتحسن في ذلك .
وقد نجح ابن مسلمة وأبو نائلة في هذا الحوار إلى ما قصد، فإن كعباً لن ينكر معهما السلاح والأصحاب بعد هذا الحوار .
وفي ليلة مُقْمِرَة ـ ليلة الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة 3 هـ ـ اجتمعت هذه المفرزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشيعهم إلى بَقِيع الغَرْقَد، ثم وجههم قائلاً : " انطلقوا على اسم الله، اللّهم أعنهم " ، ثم رجع إلى بيته، وطفق يصلى ويناجي ربه .
وانتهت المفرزة إلى حصن كعب بن الأشرف، فهتف به أبو نائلة، فقام لينزل إليهم، فقالت له امرأته ـ وكان حديث العهد بها : أين تخرج هذه الساعة ؟ أسمع صوتاً كأنه يقطر منه الدم .
قال كعب : إنما هو أخي محمد بن مسلمة، ورضيعي أبو نائلة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة أجاب، ثم خرج إليهم وهو متطيب ينفح رأسه .
وقد كان أبو نائلة قال لأصحابه : إذا ما جاء فإني آخذ بشعره فأشمه، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه، فلما نزل كعب إليهم تحدث معهم ساعة، ثم قال أبو نائلة : هل لك يا بن الاشرف أن نتماشى إلى شِعْب العجوز فنتحدث بقية ليلتنا ؟ قال : إن شئتم، فخرجوا يتماشون، فقال أبو نائلة وهو في الطريق : ما رأيت كالليلة طيباً أعطر ، وزهي كعب بما سمع ، فقال : عندي أعطر نساء العرب ، قال أبو نائلة : أتأذن لي أن أشم رأسك ؟ قال : نعم ، فأدخل يده في رأسه فشمه وأشم أصحابه .
ثم مشى ساعة ثم قال : أعود ؟ قال كعب : نعم ، فعاد لمثلها . حتى اطمأن .
ثم مشى ساعة ثم قال : أعود ؟ قال : نعم ، فأدخل يده في رأسه، فلما استمكن منه قال : دونكم عدو الله ، فاختلفت عليه أسيافهم، لكنها لم تغن شيئاً، فأخذ محمد بن مسلمة مِغْوَلاً فوضعه في ثُنَّتِهِ، ثم تحامل عليه حتي بلغ عانته، فوقع عدو الله قتيلاً، وكان قد صاح صيحة شديدة أفزعت من حوله، فلم يبق حصن إلا أوقدت عليه النيران .
ورجعت المفرزة وقد أصيب الحارث بن أوس بذُبَاب بعض سيوف أصحابه فجرح ونزف الدم، فلما بلغت المفرزة حَرَّة العُرَيْض رأت أن الحارث ليس معهم، فوقفت ساعة حتي أتاهم يتبع آثارهم، فاحتملوه، حتي إذا بلغوا بَقِيع الغَرْقَد كبروا، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرهم، فعرف أنهم قد قتلوه، فكبر، فلما انتهوا إليه قال : " أفلحت الوجوه "، قالوا : ووجهك يا رسول الله، ورموا برأس الطاغية بين يديه، فحمد الله على قتله، وتفل علي جرح الحارث فبرأ، ولم يؤذ بعده .
ولما علمت اليهود بمصرع طاغيتها كعب بن الأشرف دب الرعب في قلوبهم العنيدة، وعلموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لن يتوانى في استخدام القوة حين يري أن النصح لا يجدي نفعاً لمن يريد العبث بالأمن وإثارة الاضطرابات وعدم احترام المواثيق، فلم يحركوا ساكناً لقتل طاغيتهم، بل لزموا الهدوء، وتظاهروا بإيفاء العهود، واستكانوا، وأسرعت الأفاعي إلى جحورها تختبئ فيها .
وهكذا تفرغ الرسول صلى الله عليه وسلم ـ إلي حين ـ لمواجهة الأخطار التي كان يتوقع حدوثها من خارج المدينة، وأصبح المسلمون وقد تخفف عنهم كثير من المتاعب الداخلية التي كانوا يتوجسونها، ويشمون رائحتها بين آونة وأخري ."
انتهى من كتاب "الرحيق المختوم" ..

الأربعاء، 13 يناير 2016

الإستقطاب الحاد وأزمة الفكر الحر في برقة


أثناء التدريبات العسكرية في المرحلة الإعدادية والثانوية كان العرفاء الذين يدربوننا يجمعوننا في فصائل ... كانت طريقة " الجمع" همجية وتعبّر عن الإذلال أكبر تمثيل .... و أكثر المواقف حرجاً ورعباً كان تواجدك في موقع حيادي بين الفصائل ... فقد تتجه بسرعة والسوط يلهب ظهرك إلى أحد الفصائل لتجد صفوفه اكتملت ولا مكان فيه للوقوف .... ونظراً لقلة إمكاناتك في الجري السريع تجد الجميع قد سبقوك إلى أماكنهم .... ولا يمكنك أن تقطع المسافة من هذا الفصيل الذي تقف عنده باحثاً عن مكانٍ فارغٍ كالمجنون إلى الفصيل الآخر لأنك عندها تُكتشف إنك وقعت متلبّساً بجريمة اسمها "التواجد خارج القطيع" ....
هذا الموقف البسيط لطالما عشناه في عهد القذافي بصور وتجليات مختلفة، فهذه الصورة البسيطة في رأيي تختصر مأساة الكثير ممن اضطهد لأسباب فكرية ....
مشكلة الإضطهاد السياسي في ليبيا أنه طال أشخاصاً لا علاقة لهم بأي جماعة إرهابية أو حزب معارض، والسبب البسيط كان وقوفهم خارج التجمعات الفكرية المعهودة ، وأقول هذا لأنك إذا حللت ما حدث من اعتقالات وقمع في عهد القذافي ستجد إن الأفكار التي يحملها كثير ممن أُعتقل واضطهد لا تختلف عن أفكار من يعيش آمناً مطمئناً في هذه الدولة الإسلامية العتيدة .... هذه الدولة العريقة في إسلامها وعروبتها والممعنة في قبليتها وتقاليدها المحافظة ... فالكثير ممن انغمس في أفكار معارضة للدولة عاش مطمئناً آمناً إمّا تحت المظلة القبلية أو مستعيناً بشبكة من العلاقات الإجتماعية أو الواسطة ، فيقال عنه " فلان عنده كتف" أو "واصل" ... وغيرها من التعبيرات ... أما "راقد الريح فيلقى العظم في الرية" ...
الصحيح إن المخابرات تتعامل بمبدأ "إن لم تكن معي فأنت مع عدوي"... و الجماعات الدينية والسياسية لا تحصل على رخصة البقاء في حيز الوجود إلا بالتعاون مع المخابرات .... وإلا فإنها تُصنف على أنها عميلة للمخابرات الأجنبية .... وهذا ما حدث مع الجماعات السلفية قبل الثورة ... وكما حصل في الماضي مع الطرق الصوفية أيضاً رغم بعدها عن السياسة والتأثير فيها ....
فوجود تعاون مع المخابرات في قمة الهرم يُعفي هذه الجماعة من القمع .... وأي تجمّع سياسي أو ديني أو حتى ثقافي يكون مستهدفاً حتى يثبت ولاءه الكامل وخاضعاً لمبدأ القوة بغض النظر عن وجود جذور الإرهاب فيه أو عدم توفرها ...
لذلك فإن ما رصدته شخصياً على الصعيد المحلي نظراً لقربي من قياداتها المحلية ومعرفتي الشخصية بهم ... ما رصدته عن الجماعة السلفية في ليبيا هو عملية تدجين واسعة حصرتهم في ما يسمى "بالمداخلة" وهو فرع من فروع السلفية المهادن والمتعاون مع الحكومة وفي المقابل موجّه توجيهاً مفضوحاً لمحاربة الإخوان ... وهذه الجماعة تحتكر التصنيف للجماعات الأخرى وتختصر كل من يخالفها بمسمّى "الخوارج" مالم يكونوا من المتعاونين مع الحكومة ... رغم إن أئمة الصوفية قبلهم كانوا يرمونهم بنفس اللقب قبل أن يتغير هوى السلطة الحاكمة لتختار عشيقها الجديد ....
ورغم إني كنت أقرأ عن اتهامات للشيخ ربيع المدخلي بأنه عميل للمخابرات السعودية ولا أُصدق ... فإنني اليوم أدركت حجم المؤامرة في ليبيا...
ما يحدث اليوم في برقة هو انضواء جميع المساجد تحت سلطة هذه الجماعة ... هذا في الشرق الذي تتزعّمه حكومة عسكرية يقودها اللواء حفتر ... بأذرع مخابراتية ودعم من أزلام النظام السابق .... بينما يوفر البرلمان غطاءاً شرعياً من دون أن يمارس أي سلطة حقيقية ..... وأقول مؤامرة لتزامن التعاون السلفي المدخلي الموجّه بشكل واضح مع الدّعم السعودي لعملية الكرامة.... في حين إن العملية موجهة لتطهير ليبيا من الإسلاميين .... فكيف يمكننا استيعاب وجود مجموعة إسلامية في قمة التطرف مع هذه العملية المشبوهة؟!... أمرٌ يدعو للتساؤل !؟... ولا يكفي أن نقول إنّ عنفهم موجّه من قبل الحكومة وفي مصلحة الحكومة ....لأن الخطر الحقيقي على الجيش المنظّم هو أن يكون مؤدلجاً ... والتذرع بالنهج البراغماتي والواقعية هو الفشل بعينه ... فلا يمكنك أن تحارب الإرهاب المنفلت بإرهاب مماثل حتى لو كان مضبوطاً ومُتحكّماً فيه .... غير أن الذي يضمن للسياسيين ولاء هؤلاء السلفيين كما يبدو هو الخيوط التي تحركهم وهي التي بيد المخابرات السعودية وعميلها ربيع المدخلي ....
ومع فهمنا للتفكير الأمني وأولويته ... نجد القضاء على داعش مجرد واجهة لعملية الكرامة فجيش حفتر لم يواجه إمارتي داعش في درنة وسرت وفضّل مواجهة ميليشيات فبراير التي تكونت بدعم من المجلس الإنتقالي وتحت رعايته ....
ما أردت أن أقوله هنا إنه إذا استثنينا داعش والجماعات الموجود في غرب ليبيا ....فإن الوضع الأمني في برقة قد استأنف حالة القبضة الأمنية للقذافي... ولا أحد بإمكانه ممارسة أي دين أو فكر بمعزل عن السلطة .... فحتى الطرق الصوفية التي حوربت خلال الثورة لولائها القديم للقذافي لم تعد إلى الساحة وتبخرت من الوجود بعد هدم أضرحتها وزواياها في كافة أرجاء ليبيا .... ولم يبقَ إلا الفكر المعوجّ للجماعة السلفية التي ترتبط بشكل وثيق بالمؤسّسة الأمنية .... وأصبح التفكير الديني محظوراً ...وكذلك ممارسة العبادات والشعائر الدينية أصبحت مشبوهة ما لم يرافقها إنتماء - أو حتى ولاء معنوي - لهذه الجماعة ... وبالتالي فإن الحالة الثقافية أصبحت مأساوية والمفكر المخلص للحقيقة  والحر في تفكيره لا وجود له ... لأنه في الحالة الراهنة لبرقة كل شيء يتم توظيفه لخدمة السلطة ... وبالذات النعرة القبلية والجماعات الدينية ...
والنتيجة التي نصل إليها إن ليبيا أصبحت أكثر بقعة مثالية "لحالة القطيع" .... قطيع من البهائم عافاكم الله تسير الى المجهول بلا عقل ولا ضمير ...

الثلاثاء، 5 يناير 2016

لعن الله الكذب!



لا بد من الإعتراف بوجود نوع من الفلسفة والحكمة لساكن الصحراء ... لأن عماد الفلسفة هو القدرة على التجرد من العادات والتقاليد والأحكام الموضوعة مسبقاً والإطارات الجاهزة  ... وجو الصحراء مع انعدام معالم التمدن من كهرباء ووسائل نقل حديثة وانعدام الشواغل يساعد على خلق هذه الحالة الذهنية ...بينما الإنسان المتمدن يعاني بدرجة كبيرة من التشويش بتأثير من البيئة المحيطة ....
وإن كنا لا بد أن نعترف إن الحضارة اليونانية وفرت مجالس المحاججة والجدال التي قوّت قريحة العلماء وخلقت الفلسفة العريقة التي نعرفها اليوم .... لكن مع ذلك فإن سكان الجزيرة العربية كانوا يتميزون بذاكرة قوية وحكمة بالغة لقلة التفاصيل في حياتهم اليومية وانعدام التشويش من البيئة المحيطة .... لذلك لا ينبغي أن نبخس من قيمة التفكير وعمق العقيدة لديهم .... غير أنهم لم يكونوا يُعنون بتنسيقها في مؤلفات مصنّفة بشكل يسهّل تدريسها في الجامعات مثلاً ....
والذي يتمعن في القرآن يجد كثيرأً من الآيات التي تتضمن تفكيراً عميقاً من قبل محمد ... كما في مجملات سورة الفاتحة التي حاول فيها وضع دينه في موقع الوسط بين الديانتين اليهودية والمسيحية .... بحيث جعل الأولى "مغضوباً عليها" لا تطبق كلمة الله بشكل صحيح ... والثانية "ضالّة" شوهت الصورة الحقيقة للوحدانية ...
وفي آيات أخرى يصرح بكون ديانته "وسطاً" ....
فكرته كانت أن يحتكر الهداية غير إنه هنا وقع في تناقض لم ينتبه له كثير من المسلمين ... وذلك إن الفكر الإسلامي يقوم على فكرة أن المسيح نبي من أنبياء بني إسرائيل ولم يأتِ ليبتكر ديناً بينما بولس الرسول هو الذي ابتكر هذه الديانة الضالة .... فلماذا يعترف القرآن إذاً بالمسيحية كديانة منفصلة عن اليهودية ومقابلة لها ؟! ....
مثل هذه التناقضات وأخطاء بشرية أخرى وقع فيها محمد.. هي ما يؤيد بشرية القرآن ..رغم ما نرى فيه من فلسفة بسيطة تنساب من وراء السطور تلامس القلوب والعقول ..فتجعل القارئ المؤمن يتعامى عن الأخطاء العلمية والتاريخية التي لا حصر لها ...
فالرجل فيلسوف فعلاً .. ولكن لعن الله الكذب !!

السبت، 2 يناير 2016

الغدر في الإسلام


نحن نعرف إن الناس يعيشون اليوم في معاملاتهم اليومية على مبدأ حسن الظن .... والمُعَوّل الرئيسي في حفظ الأمن هو حسن الظن والثقة المتبادلة ...  وعلى أساس هذا المبدأ تشتري البضائع من دكان حارتك ويسجل البائع الديون في دفتر من دون وصل استلام  ... وعلى أساس هذا المبدأ يشتري معظم الناس الطيور أو الدواجن أو الأغنام من دون كشف صحي من البيطري يثبت خلوها من الأمراض المهلكة ... وعلى هذا الأساس ينام الزوج بجوار زوجته بدون أن يفكر أحدهما في الغدر بالآخر ....
وهلمّ جرّا من الأمور والتفاصيل الكثيرة التي قد يقل فيها مستوى الثقة وقد يزيد ولكن الأمر لا يصل إلى حد الشعور بحالة الغابة إلا إذا كان السكان في تلك المنطقة همج رعاع لا دين لهم إلا الغدر .....
في بعض الدول الأوربية نرى اليوم الملتحفين بالأرصفة لا سقف لهم إلا السماء ... يلقون عطف المارة ويتعاملون معهم بأريحية والواحد منهم قد يستلقي على الرصيف فاغراً فاه ولا أحد يخطر على باله أن يبصق في فمه مثلاً أو يلقي حشرة صرصار ....



الغدر له مستويات وحين تصل درجة الغدر إلى مستوى معين فإن إمكانية العيش الطبيعي تصبح مستحيلة .... قد يسهل تقبل هذا الوضع في بعض حالات الفقر المدقع والمجاعات والحروب الأهلية والفوضى .... لكن أن يقفز زوج على زوجته وهي نائمة بجواره ليبقر بطنها وهي نائمة ثم يزعم إنه يتقرب إلى الله بأفضل القربات فهذا غدرٌ يفوق الخيال ....
بغض النظر عما ارتكبته الزوجة فلا شيء يبرر مثل هذا الغدر ....
لاحظ إننا لا نتكلم هنا عن إبرة مخدر وضعها في رأسها مثلاً ... بل نتحدث عن خنجر مسموم ينهي حياتها وييتم أبنائها وكل هذا وهي نائمة آمنة مطمئنة بجوار من تعتبره زوجها وشريك حياتها ...
هذا بالضبط ما فعله هذا الصحابي لزوجته بعدما  سمعها تسب النبي محمد .... ولاحظ هنا إنها تسب من يصرّ القرآن على أنه "بشر مثلهم" ...فماذا لو كانت تسب الله مثلاً ؟!....
وتفصيل القصة في كتاب النسائي كما يحدثنا بها ابن عباس ...  يقول : - إن أعمى كان على عهد رسول الله (يقصد بالطبع ابن عمه محمد بن عبدالله الذي ادّعى النبوة وصدّقه ربع سكان الكرة الأرضية ) ....
وكانت لهذا الأعمى أم ولد (أي زوجة غير مسلمة) .... وكان له منها ابنان ....
وكانت تكثر الوقيعة برسول الله وتسبّه.. فيزجرها فلا تنزجر ..وينهاها فلا تنتهي ...
فلما كان ذات ليلة ذكرَتْ النبي (محمد) فوقعَتْ فيه (أي عابته وذمته) .... 
فلم أصبر أن قمْتُ إلى المغول (سيف قصير) .... فوضعته في بطنها....
فاتكأت عليه (لاحظ الحقد المحمّدي) .... 
فقتلتها فأصبَحتْ قتيلاً ....
فذُكِر ذلك للنبي فجمعَ الناس وقال :-
" أنشد الله رجلاً لي عليه حق فعلَ ما فعلَ إلا قام" ..... فأقبل الأعمى يتَدلْدل (أي يضطرب في مشيه) ....  فقال :-
" يا رسول الله أنا صاحبها ..كانت أم ولدي..
وكانت بي لطيفة رفيقة (!!)..
ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين (!!)...
ولكنها كانت تكثر الوقيعة فيك وتشتمك...
فأنهاها فلا تنتهي .. وأزجرها فلا تنزجر ..
فلما كانت البارحة ذكَرتْكَ فوقَعَتْ فيك ..
فقمت إلى المغول فوضعته في بطنها ..
فاتكأت عليها ( أيُّ حقدٍ هذا !!!) حتى قتلتها "...
فقال رسول الله :-"ألا اشهدوا أن دمها هدر"(!!) ...تحقيق الألباني : صحيح الإسناد ....
الغدر.... هذا هو دين الإسلام !!
وهكذا علّم محمد أصحابه من أول يوم دخلوا يثرب ... حيث بدأوا بغارة على قافلة آمنة تحمل بضائع عادية ولا يوجد بها حراسة كافية لمحاربة جيش من الجياع الهمج المنعدمي الضمير الذين أرسلهم محمد ....
محمد لم يحترم حرية الرأي ولم يوفر للذين سبّوه وشتموه محاكمة عادلة .... بل قتلهم غيلةً وغدراً ... فقُتل عبدالله بن خطل وهو متعلقٌ بأستار الكعبة .. وكذلك كان اغتيال كعب بن الأشرف في قمة الغدر والسفالة ...
هذه العقلية اليوم لا يتبناها المتشددين فقط بل حتى الوسطيين من المسلمين بل وحتى الرؤساء وأجهزة المخابرات الغير محسوبة على التيار الإسلامي ..... فرغم إن العقلية العامة للعربي ترفض الغدر وتحتقر صاحبه فإن المسلم العادي لا يرى غضاضةً في الغدر عند الإساءة إلى مقدساته ..... أو حتى حين لا يُساء إلى المقدسات ولكن يتبين له كفر شخص ما أو يجد فتوى تؤيده .....
ليس داعش فقط من يفعل ذلك ... ففي ليبيا مثلاً اغتال القذافي عدة شخصيات في الداخل والخارج لأسباب مشابهة لمتبوعه محمد ..... وبما إن العمالة عنده مساوية للكفر  فقد اغتال من اعتقدهم عملاء ....  وكذلك تعامل جلاوزة القذافي مثل "حسن اشكال" و غيره  بقتل من يسب القذافي ..... وهذا مقطع من جريدة الزحف الأخضر الناطقة باسم نظام القذافي وتنشر قراراته وقرارت كلابه الثورية ..



 وكذلك أُشيع استعمال الإبرة لحقن بعض العلماء والمثقفين بمواد تسبب الخلل العقلي ... الناس في ليبيا كانوا يتحدثون بذلك سراً ولكن وللمرة الأولى بعد سقوط القذافي صرّح بذلك أحد المعارضين باتصال على قناة الجزيرة خلال الثورة ....
الغيلة والغدر طبيعة في المسلم لا يتركها ... فأسلوب القتال الشريف لا يناسب خبيث الطوية .... لذلك يلتزم بالتقية في المجتمعات المعادية حتى تتوفر له فرصة ليفجر نفسه بين مدنيين لا ذنب لهم ... رغم إنه بنفس الطريقة كان يستطيع أن يهجم على موقع عسكري ولو بسكين ليخوض قتالاً شريفاً على الأقل ....
هذه كلها مجرّد أمثلة ولا أدري كم يجب أن أسوق من أمثلة وأدلة وشواهد حتى يدرك المرء التفسخ الخطير في أخلاق المسلمين وهم مازالوا يعتقدون بأنهم خير أمّةٍ أُخْرِجت للناس ...