الأربعاء، 25 مايو 2016

نفاق الشيخين.. أبوبكر وعمر


نلاحظ إن كثيراً من أصدقاء محمد وحلفائه الذين حرص على استمالتهم لا يتوفر فيهم شيءٌ من الإيمان والقبول بالحق بقدر ما كان يتوفر فيهم قدرٌ من العنجهية والقوة، ويستعين محمد بكمٍّ كبير من المجاملة للإحتفاظ بهم ، وكذلك الرشوة بالأموال والنساء. حيث تذكر الأحاديث ذلك الرجل الذي استقبله محمد في بيته بترحابٍ وكلامٍ معسول، بينما تسمعه زوجته يقول في حق ذلك الرجل قبل دخوله كلاماً لا يليق مما يثير استغرابها من هذا الخلق الغريب والسلوك المتناقض .
ففي صحيح البخاري (كتاب الأدب - باب المداراة مع الناس) عن عائشة أنه استأذن على النبي رجلٌ فقال "ائذنوا له ،فبئس ابن العشيرة ،أو بئس أخو العشيرة" ..فلما دخل ألانَ له الكلام، فقلت له:" يا رسول الله قلت ما قلت ثم ألنت له في القول".. فقال:" أي عائشة إن شر الناس منزلة عند الله من تركه أو ودعه الناس اتقاء فحشه " .
أما الإستمالة بالأموال فقد سجلت الآيات القرآنية وصف "المؤلفة قلوبهم"، وحصّتهم من الزكاة، فحتى المعانى الجميلة للزكاة والصدقات تفسدها تلك النقطة السوداء الكفيلة بإثبات نفاق محمد، ويأبى الله إلا أن يسجّل نفاق محمد في كتابه المزعوم بذلك المصطلح الغريب " المؤلفة قلوبهم"، فالإستمالة إلى الإيمان بالأموال أمرٌ يتناقض مع الإخلاص والإيمان الحقيقي، ويثبت بما لا يدع مجالاً للشك إن كثيراً ممن اتّبع محمداً كانوا منافقين راغبين في الأموال والنساء أكثر من كونهم مسحورين بكلمات القرآن العجيبة.
ومحمد نفسه اعترف مراراً بكثرة المنافقين في أتباعه، وكانت لديه قائمة سرية بالمنافقين يحتفظ بها أحد صحابته "حذيفة بن اليمان"، وكان يُدعى لذلك صاحب السرّ، وبالتالي كان الموجودون في هذه القائمة لا يعلمون بتفاصيل هذه الأسماء، لأن معاملة محمد لهم يكتنفها المجاملة ومراعاة المصالح، لحاجته إليهم فيما يتعلق بالقتال والغزوات اللازمة لتوسيع مملكته، ويُذكر في هذا المجال إن رجلاً دعا أمام حذيفة قائلاً "اللهم أهلك المنافقين" فرد عليه أبوحذيفة :" لو هلكوا ما انتصفتم من عدوكم !!"(1)أي أنهم يشكلون كثرةً بحيث لا يستطيع المسلمين بونهم الإنتصار على العدو .
لذلك اضطر محمد أن يضحّى بأهله وبعض المقربين فيحرمهم من المزايا المادية والمعنوية ، فضحّى ببني هاشم وكذلك بالأنصار الذين ناصروه وآووه في سبيل إرضاء هؤلاء المنافقين المهمين. فلم يعطهم ما أعطى المنافقين، مداهناً الكفار والمنافقين ومهمِّشاً بذلك علي والعباس بل وحتى ابنته المحبوبة فاطمة لمصلحة أهدافه العليا التي حققها له الرجلين القويين أبوبكر وعمر.
فالعداوة بين فريق "علي وزوجته فاطمة" من جهة وفريق "أبوبكر وعمر وابنتهما عائشة وحفصة" من جهةٍ أخرى، واضحة في تفاصيل السيرة والأحاديث الصحيحة، ولا نحتاج لإثباتها هنا بقدر ما نحتاج لإثبات الإهمال المتعمد من محمد لعلي وفاطمة لمصلحة المنافقين الكبيرين أبوبكر وعمر.
ومن المثير للتساؤل تصرفات أبي بكر بعد موت محمد، حيث نلاحظ الجفاف العاطفي الذي ابداه مقابل الجزع المصطنع من المنافق الكبير عمر، وهو الصديق القديم الذي أفلح محمد في تصويره بالرجل الرقيق والرحيم ، في حين إن الخبث والقسوة التي يتحلى بهما كانت تتجاوز قسوة عمر بمراحل، بل إنّ قسوة عمر كانت ممزوجة بالغباء مما يعطيها طابعاً بعيداً عن الجدية، بينما كانت قسوة أبوبكر تنبئ عن نفسية حاقدة لطالما حاول اخفائها وتظهر أحياناً مع الخلافات البسيطة في الرأي حتى مع أقرب الأقارب، فقد ضرب اليهودي فنحاص حين اختلف في نقاشٍ وحوارٍ ديني صرف(2)، كما قام بركل أبيه الضرير عندما أساء لنبيه محمد باللفظ (3)، ذلك الأب الضرير الذي تصوّره الأحداث بالطيبة والضعف، والحرص على مصلحة ابنه حتى مع ذلك الخلاف العميق. فقد سجّلت السيرة (4)مشهد زيارته لبيت ابنه عندما هاجر مع محمد آخذاً أمواله معه لدعم مخططات محمد ولم يترك لابنائه وزوجته ما يقيم أودهم ..
فيغضب الأب الضرير لما فعل ابنه، لكنه سرعان ما يرضى بعد أن تأخذ أسماء بيده وتضعها على كيس من الأحجار مدعيةً أنه الأموال التي تركها أبوها لهم. فتستعين ابنة الصدّيق بالكذب فقط لتتجنب ما قد يقوله جدها عن أبيها !! ولا عجب فدين محمد لا يرى حرجاً في الكذب لأتفه الأسباب. يذكر كتاب السيرة المعاصرين هذا المقلب الذي يفعله آل أبي بكر بهذا الجد الطيب ، في محاولة لتمجيد بطولات تلك الإبنة الخبيثة، وتغفل قصة ضرب أبي بكر لأبيه.
أما المنافق الثاني : "عمر بن الخطاب" فيكفي التمعن في موقفه من محمد بعد صلح الحديبية لتعرف أنه لا يؤمن بنبوته حقيقةً بقدر ما يريد الإستعانة بهذه النبوة المزعومة لتعويض ماعاناه من فقر في طفولته وشبابه المبكر.
ومقارنة بسيطة بين تلك الحادثة المشهورة في صلح الحديبية التي اعترض فيها عمر على نبيه بشكلٍ غير لائقٍ بالمرة، مع ما حصل مع ذي الخويصرة، تنبئ أن عمر كان لا يحترم نبيه بقدر ما كان يرغب في السيطرة على قريش وإذلال زعمائها، وإنه أخطر على محمد من أي منافقٍ على سطح الأرض ..

أما بالنسبة لقصة صلح الحديبية فتقول إنه بعد أن وافق محمد على شروط قريش بما فيها من تنازلات ولم تعجب عمر بن الخطاب ، انبرى عمر الى توبيخ محمد والتشكيك في نبوته أمام المسلمين قائلاً :"أولست كنت تحدّثنا أنّا سنأتي البيت فنطوف به؟".. ثم ذهب إلى أبي بكر ليقول نفس الكلام مع بعض التلميح بتكذيب نبيه محمد قائلاً:"يا أبا بكر أليس هذا نبي اللّه‏ حقّا؟".. مما جعل المسلمين يتمردون على نبيهم ويرفضون أوامره.
 فقد ذكر البخاري أنه "لمّا فرغ رسول اللّه‏ من كتاب الصلح قال لأصحابه : قوموا فانحروا ثمّ أحلقوا، فواللّه‏ ما قام منهم رجل حتّى قال ذلك ثلاث مرات، فلمّا لم يمتثل لأمره منهم أحد؛ فدخل خباءه ثمّ خرج فلم يكلّم أحدا منهم بشيء حتّى نحر بُدنةً بيده، ودعا حالقه فحلق رأسه، فلمّا رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتّى كاد بعضهم يقتل بعضاً".
ولاحظ إن عمر لم يرضَ حتى وعده نبيه بالفتح :" فنزل القرآن على رسول الله بالفتح ،فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه، فقال :"يا رسول الله أو فتح هو ؟"،قال :"نعم".. فطابت نفسه ورجع .."(كما رواه مسلم عن سهل بن حنيف). 
ولمن يهوّن من موقف عمر نقول إن لهجة الحنق والغيظ والتكذيب كانت واضحةً في كلام عمر ومراجع السنة تؤيّد هذا ، ولاحظ ألفاظ البخاري :«قال الرسول :"يا بن الخطّاب إنّي رسول اللّه‏ ولن يضيّعني اللّه‏ أبداً"، فرجع متغيّظاً فلم يصبر حتّى جاء أبا بكر فقال: يا أبا بكر، ألسنا على الحقّ..؟ قال: يا بن الخطّاب، انّه رسول اللّه‏ ولن يضيّعه اللّه‏ أبدا»، ولاحظ أيضاً ألفاظ السيرة الحلبية: «ولقي عمر من ذلك الشروط... أمراً عظيماً، وجعل يردّ على رسول اللّه‏ الكلام...».
أما قصة ذي الخويصرة فبينما كان محمد ذات يومٍ يقسم مالًا إذ أتاه ذو الخويصرة رجلٌ من بني تميمٍ ،فقال:” يا محمّد اعدل فواللّه ما عدلت منذ اليوم"، فقال النّبيّ :"واللّه لا تجدون بعدي أعدل عليكم منّي ثلاث مرّاتٍ"، فقال عمر:” يا رسول اللّه أتأذن لي فأضرب عنقه"، فقال:” لا إنّ له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة"( رواه أحمد) .. وقد خلّد التاريخ الإسلامي تلك الشخصية وموقفها البسيط الذي يعبر عن الرغبة الحقيقية للمرتزقة الذين قاتلوا معه، فأصبحت مسئولةً عن انبثاق فرقة الخوارج التي نشأت في خلافة علي .
والسؤال هنا : ما الفرق بين ذي الخويصرة وعمر؟!..لماذا يتساهل محمد مع عناد عمر ومراجعته له في كل أمر بل وتوبيخه في بعض الأحيان الى درجة تصنفه أكثر نفاقاً من أغلب المنافقين ،بينما لا يستطيع قبول كلمة عفوية من مسلم جديد لم يفقه الإسلام بعد؟! ... فحتى من سماهم محمد منافقين لو ركزنا على أخطائهم لوجدناها أخف كثيراً من أخطاء عمر ... وربما يكون هذا هو السبب الذي يجعل عمراً يسأل حذيفة الذي يعرف أسماء المنافقين :"نشدتك الله أنا منهم ؟!"... ولاحقاً فسّر الشارحون للأحاديث هذا السؤال على أساس أن عمر يخاف النفاق من باب التواضع ومحاسبة النفس وعدم الإغترار … وظهرت أقوال من السلف على هذا المنوال ..فقد قال الحسن :"من لم يخَفْ النفاق فهو منافق"  ، و "ما خافه إلّا مؤمنٌ ولا أمنه إلّا منافقٌ" وكثير من أقوال السلف في هذا المجال ما قيلت إلا لتبرير الخوف المفضوح لعمر وبعض الصحابة المقربين من قائمة المنافقين الوهمية.
ومن عجائب الأمور ما ترويه السنة عن رسولهم ان عمر "مُحَدّثْ" ، وهي كما يبدو مرتبة تلي النبوة مباشرةً ... وهذا المصطلح الغريب فيما يبدو اختلقه محمد ليغطي على التداخل الذي حصل بين آراء عمر و الوحي ... فعمر يريد الأمور أن تسير كما يحلو له ومحمد لا يريد أن يخسره فيضطر للقول إن عمر "مُحدث" و"ولو كان نبي بعده لكان عمر" و "جعل اللّه الحقّ على لسان عمر وقلبه " .
وسيرة عمر الى آخر لحظات حياته تدل على قلة فراسته وإنه أبعد الناس عن المحدّثية التي ينسبونها اليه ...فمؤامرة قتله كانت واضحة وأعداؤه كانوا يغدون ويروحون معه ولم يخطر على باله أن يحقق في أمرهم ... وربما كان محمد أذكى في استعانته بالجواسيس وقلة ثقته بالناس المحيطين به... ففي تاريخ الطبري أن كعب الأحبار قال لعمر :"يا أمير المؤمنين اعهد فإنك ميتٌ في ثلاثة أيام"... قال: " وما يدريك؟" ...قال:"أجده في كتاب الله عزوجل التوراة"... قال عمر:" آلله إنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة؟!...قال:"اللهم لا ، ولكني أجد صفتك وحليتك، وأنه قد فني أجلك ! ... وعمر لا يحس وجعاً ولا ألماً ... فلما كان من الغد جاءه كعب فقال:" يا أمير المؤمنين ذهب يوم وبقي يومان ! .... ثم جاءه من غد الغد فقال ذهب يومان وبقي يوم وليلة......الخ ... وأبورية في كتابه عن السنة النبوية أفرد باباً لكعب الأحبار وحلل شخصيته وكشف نفاقه ، نفاقه الذي حسب ما ورد من أخبار كان واضحاً لكن العتب على محدّثية عمر وفراسة المؤمن كيف خانته في ذلك اليوم العصيب.
إذاً الرجل كان ساذجاً في قمة السذاجة وكان المفروض على العقاد أن لا يسمي كتابه "عبقرية عمر" ..بل "بلادة عمر" ... أو فليكن "بلادة الأعيسر بن أم شملة".. كما كان يسميه خالد بن الوليد ... المهم إنه كان يجمع مع نفاقه غباءاً لا حدود له، ولذلك كان نفاقه مفضوحاً أكثر من نفاق أبي بكر، ولم يحتج كتّاب الشيعة إلى كثير من البحث ليجدوا من الأدلة على نفاق هذا الصحابي المخضرم ما يملأ مجلدات.
ومحمد أيضاً كان يبادل عمر نفاقاً بنفاق، ويمنحه من الصفات ما يتناقض مع شخصيته المعقدة والغبية والبعيدة عن الإيمانيات، فالشيطان لا يجتمع معه في طريق، والقرآن يوافقه ( يجامله) في آرائه ومواقفه، و"ضُرِب الحقُّ على لسانه وقلبه"، و"ان كان نبي بعدي فعمر"، وهو محدّث ( من الله) وهذه الصفة الغريبة -التي وضعت كما يبدو لتلفيق أو تبرير سر الموافقات الغريبة بين كلام عمر ورغباته وبين وحي محمد- لم تمنح لأحد غيره، وأثبت التاريخ ( حادثة موته التي ذكرتها آنفاً) إن الرجل غبي لا فراسة له حتى في أبسط الأمور فكيف يكون محدّثاً من الله ؟!
وعلاوةً على ذلك فلم يكن عمر محباً لأهل البيت، بل حاول منع محمد من كتابة وصيته (5)حين رأى فيه ميلاً لأهل بيته قبل وفاته بقليل(!)، مدعياً إنه كان يهذي ( أو يهجر بلفظ الحديث)، والعجيب هنا أنّه لم ينزّه نبيه عن الهذيان، ثم أراد ( بنفاق لا نظير له) تنزيهه من ظاهرة الموت (الطبيعية جداً) مهدداً من يقولون بأن محمد مات بقطع الأيدي والأرجل، ومقارنة بسيطة بين هذين الموقفين تبين إلى أي مدى كان هذا الرجل منافقاً.
ومن الأحداث التي تدل على نفاق عمر ونواياه السيئة تجاه أهل بيت محمد هو ما اقترحه على محمد بعد انتصاره في غزوة بدر ، وذلك حين استشار محمد أصحابه في شأن الأسرى، ماذا يفعل بهم ؟ أيقتلهم ، أم يطلقهم، أم يطلب الفداء لهم؟.. وكان فيهم بعض أقارب محمد وعلي، حيث كان فيهم العباس عم النبي وعقيل أخو علي. فكان رأي عمر أن يستلم كل شخصٍ قريبه من الأسرى فيقطع رأسه، فيقتل عمر أحد أقاربه ( لم تكن صلة قرابة هذا القريب واضحة في تفاصيل السيرة مما يدل على بعد صلة القرابة، مما يهوّن أمر قتله على عمر. وربما تكون هناك عداوة قديمة لسببٍ مجهول بينهما كعداوته مع ابن خالته خالد بن الوليد، فالرجل عُرف بضغائنه وأحقاده القديمة)، وفي مقابل قتل عمر لهذا القريب المزعوم على علي أن يقتل أخيه عقيل، وعلى حمزة أن يقتل أخيه العباس، هكذا اقترح عمر!! (6). ولاحظ إن كليهما ( عقيل والعباس) قد أسلم فحسن اسلامه يوم الفتح، فأين فراسة عمر ومحدثيته التي كادت أن تودي بهذين الشخصين الى جهنم وتحرمهما شرف الإسلام ؟
-------------------------------

(1) في " مصنف ابن أبي شيبة في الأحاديث والآثار" : "حدثنا وكيع عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال : قال رجل : اللهم أهلك المنافقين فقال حذيفة : لو هلكوا ما انتصفتم من عدوكم".


(2) القصة في تفسير ابن كثير : قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد، عن عِكْرمة أنه حدثه عن ابن عباس، رضي الله عنه، قال:
دخل أبو بكر الصديق، بيت المدراس، فوجد من يهود أناساً كثيراً قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له: فِنْحَاص وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حَبْرٌ يقال له: أشيع.
فقال أبو بكر: "ويحك يا فِنْحَاص اتق الله وأسلم، فوالله إنك لتعلم أن محمدًا رسول الله، قد جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة والإنجيل".
فقال فنحاص: "والله -يا أبا بكر-ما بنا إلى الله من حاجة من فقر، وإنه إلينا لفقير. ما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء، ولو كان عنا غنيًا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويُعْطناه ولو كان غنيا ما أعطانا الربا".(ويبدو إن هناك زيادة وتحريف من قبل الرواة ليبرروا ما فعله أبوبكر بعد ذلك فالرجل مؤمن بالله ولا يمكن أن يقول هذا في المدراس وهو من الأحبار والعلماء)
فغضب أبو بكر، فضرب وجه فِنْحَاص ضربًا شديدًا، وقال: "والذي نفسي بيده، لولا الذي بيننا وبينك من العهد لضربت عنقك يا عدو الله، فَاكْذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين".
فذهب فنحاص إلى محمد فقال: أبصر ما صنع بي صاحبك.
فقال محمد لأبي بكر: "ما حَمَلَكَ على ما صَنَعْت؟" .
فقال: "يا رسول الله، إن عَدُوَّ الله قد قال قولا عظيما، زعَم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء، فلما قال ذلك غَضبْتُ لله مما قال، فضربت وجهه".
فجَحَد ذلك فنحاص وقال: "ما قلتُ ذلك".
فأنزل القرآن فيما قال فنحاص رداً عليه وتصديقًا لأبي بكر: " لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ".(هذا ما يدعيه محمد أما الحقيقة فإن اليهود عُرفوا بتعظيمهم لله وإيمانهم به والأمر كما يبدو محض افتراء من أبي بكر ليبرر سلوكه العنيف) رواه ابن أبي حاتم.

(3) روي من طريق ابن جريج: أن أبا قحافة سب النبي ، فصكه أبو بكر ابنه صكة، فسقط منها على وجهه.
ثم أتى النبي فذكر له ذلك، فقال:" أوفعلته؟! لا تعد له”.
فقال أبوبكر:" والذي بعثك بالحق نبياً، لو كان السيف مني قريباً لقتلته"، فنزل قوله تعالى:"لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيّدهم بروحٍ منه ويدخلهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إنّ حزب الله هم المفلحون"

(4) تروي أسماء بنت أبي بكرٍ فتقول:”لمّا خرج رسول اللّه وخرج معه أبو بكرٍ احتمل أبو بكرٍ ماله كلّه معه خمسة آلاف درهمٍ أو ستّة آلاف درهمٍ قالت وانطلق بها معه قالت فدخل علينا جدّي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال واللّه إنّي لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه قالت قلت كلّا يا أبت إنّه قد ترك لنا خيرًا كثيرًا قالت فأخذت أحجارًا فتركتها فوضعتها في كوّة البيت كان أبي يضع فيها ماله ثمّ وضعت عليها ثوبًا ثمّ أخذت بيده فقلت يا أبت ضع يدك على هذا المال قالت فوضع يده عليه فقال لا بأس إن كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن وفي هذا لكم بلاغٌ قالت لا واللّه ما ترك لنا شيئًا ولكنّي قد أردت أن أسكن الشّيخ بذلك" .رواه أحمد.

(5) يتضح من كلام ابن عباس عن تلك الوصية إن أهل البيت كانوا يتوقعون أن يُسند الأمر إليهم حيث قال بعد روايته للقصة "الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابة الكتاب"، ويبدو إن ما كانوا يتوقعونه كان مبنياً على وعود خفية من محمد لم يصرّح بها أمام أصحابه، ولهذا حاول -قبل وفاته- إبعاد كبار المنافقين الذين كان يداهنهم، وذلك بإرسالهم في بعث أسامة، والمخطط كان واضحاً لدرجة تبرر محاولة قتله بالسم كما يروّج له بعض كتّاب الشيعة، فمحمد أمر بغزو الروم تحت لواء أسامة بن زيد يوم الإثنين، ثم بدأت عليه أعراض المرض يوم الإربعاء، ومع ذلك كان يصر في مرضه على تحرك هذا الجيش إلى الشام ويقول «أنفذوا بعث أسامة».  فالأمر واضح والمخطط مكشوف ولكن هالة النبوّة وجلالة الصحبة منعت الناس من التحقيق في الأمر.


(6) من السيرة الحلبية: في رواية «استشار أبا بكر وعمر وعليا» أي وفي رواية «أبا بكر وعمر وعبدالله بن جحش فيما هو الأصلح من الأمرين القتل وأخذ الفداء؟ فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله أهلك وقومك» وفي رواية «هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، قد أعطاك الله الظفر ونصرك عليهم، أرى أن تستبقيهم وتأخذ الفداء منهم فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار، وعسى الله أن يهديهم بك فيكونون لنا عضدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تقول يا ابن الخطاب؟ قال: يا رسول الله قد كذبوك وأخرجوك وقاتلوك، ما أرى ما أرى أبو بكر ولكن أرى أن تمكنني من فلان قريب» وفي لفظ «نسيب لعمر فأضرب عنقه، وتمكن عليا من أخيه عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه أي العباس رضي الله تعالى عنه فيضرب عنقه، حتى يعلم أنه ليست في قلوبنا مودة للمشركين، ما أرى أن تكون لك أسرى فاضرب أعناقهم، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم».


حوار مع الشيطان









سؤال ؟!
ضاقت علي السبل وأنا أبحث ... أي دينٍ هو على الحق المبين !!.. لا الوقت يسعفني ولا قدراتي المحدودة تساعدني على إدراك هذا الهدف الجليل !!
شعر ابليس بحيرتي فخاطبني مستغلاً ضعفي : " أمامك الإسلام وأنت تفهمه أكثرَ من أيّ دينٍ آخر !! .. وأنت تعلم أن الله يُحاسب الإنسان على حسب ما استقر في ضميره من قواعد أخلاقية وعقائد .. فلماذا البحث وأنت تعرف أن كل المعارف نسبية ولا وجودَ لشيء اسمه الحقيقة المطلقة" !!
كدت أنزلق وراء هذا المنطق إلى ما لا تُحمد عقباه !!.... بشيء من الفذلكة أقنعني أو كاد !! ... لولا إنني عدت بذاكرتي إلى بعض الأحداث والتفاصيل المتعددة في سيرة النبي محمد ... وإلى طريقته في التعامل مع الأسرى واسترقاقه للنساء والأطفال .... وتخيلت منظره هو وصحابته وهم يتقاسمون الغنائم بما في ذلك الغنائم البشرية من النساء والأطفال...
فتساءلت : هل كانت نسبية الأخلاق وتأثر محمد بالبيئة هو الذي أعماه عن اتخاذ الموقف الصحيح من مبدأ الإسترقاق...أعماه وهو يتقاسم الرقيق .. وأعماه وهو يتماهى مع ثقافة العصر فيعامل الإرقاء معاملة البضاعة !! ... هل كان اتخاذ ذلك الموقف يحتاج لشفافية أخلاقية عالية لم تتوفر عند ذلك النبي المرسلٍ من الله ؟! وإذا لم تتوفر عند ذلك النبي الذي "أدّبه ربّه فأَحْسنَ تأديبَهُ" ، فكيف بالأحرى يستطيع تربية أمًةٍ بكاملها على الدين الكامل  ....
كل تعاملات النبي محمد كانت متماهية مع ثقافة عصره ولم تفلح علاقته مع الله في إخراجه من هذه البوتقة الضيقة !!! ...

خاطبني ذلك المتفذلك : "وما يدريك إن أولئك الذين ذكرتهم من رقيق قد تعذبوا أو شعروا بالإهانة والإذلال !! .. هو منطق ذلك العصر وهي طريقة حياتهم التي عاشوها راضين بتقلباتها ... فالمرأة تنتقل ملكيتها من رجلٍ إلى آخر ... والغلام الذي يُباع أو يُشترى كان همه في لقمةٍ يأكلها ومكان يؤويه أكثر من تفكيره في حريته... الأنصار مثلاً استقبلوا فقراء المهاجرين وتنازلوا لهم عن زوجاتهم من دون أن تسمع نقداً لهذه الحادثة الغريبة من كفار قريش ...  في حين إنها لو حدثت في عصرنا لعيّرهم الناس بالدياثة وقلة الرجولة !! ...
كل هذه تخرّصات يا حضرة ابليس ، وأعذار واهية لا تبرر التفكير الضيّق لحضرة خاتم الأنبياء ... فإذا لم يكن مهتماً بحال العبيد فبحال من يهتم ؟! ... ألم يعاتبه ربّه على إعراضه عن الأعمى المسكين ؟! ...  إن هؤلاء العبيد والفقراء بطبيعتهم هم أكثر من يضعون آمالهم في الأنبياء..  ثم نرى خاتم الأنبياء الذي يُفترض أن يكون منقذهم يمارس مهنة إسترقاقهم ومعاملتهم كالبضاعة فكيف له أن يقنعهم بعد ذلك أنّه مبعوث الله إليهم ؟!


من أراد أن يقنعنا بالنبي الذي يمثل الله على الأرض فعليه على الأقل أن يفهم إنسانية الإنسان ويقدرها قدرها بعيداً عن الأطر والمفاهيم الضيقة والمؤقتة ..عليه أن يتجاوز نسبية الزمان والمكان .. ويخاطب حاجاتنا وقيمنا وضمائرنا في هذا العصر كما في  العصور التي قبلها !!