الأحد، 12 فبراير 2017

المغيرة بن شعبة .. سيرته بين الغدر والنكاح


المغيرة بن شعبة … من أقذر الشخصيات الإسلامية على الإطلاق ..
تصفه كتب السيرة كرجل وصولي انتهازي امتهن الغدر بأقذر صوره...
كان مزواجاً (1)ولم يمنعه كبر سنه من الوقوع في الزنا ثم الإفلات من حكم الرجم بطريقة خبيثة ...
ومع ذلك يظل أحد كبار الصحابة الذين "رضي الله عنهم ورضوا عنه"...  وظل مقرباً لدى محمد وخليفته عمر حتى إنه أصبح والياً على الكوفة في عهده وعهد عثمان .. 
لم يكن نكرةً في الحديث والفقه بل تلقّف منه المسلمون بعض الأحاديث والأحكام ، منها الدعاء المشهور الذي يقرأونه بعد انتهاء كل صلاة «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» ..

فمن هو المغيرة ..؟!

 المغيرة وما أدراك ما المغيرة..ماذا تقول عنه كتب السيرة؟!
لم يهده الله للإسلام بسبب كرمه أو انسانيته..
وإنما هداه للإسلام بعد أقذر وأخبث عملية غدر يقوم بها إنسان..
جمع في هذه العملية أخس الصفات من الحسد إلى الخبث والغدر..
 كان قومه في ثقيف من سدنة اللات ، وكان بعض بني مالك من جيرانه في الطائف يريدون الوفود على المقوقس وإهداء هدايا له فأراد الخروج معهم ، فاستشار عمه «عروة بن مسعود» فنهاه لأنه لم يكن من أقاربهم ولم يكن أحدٌ من قبيلته معهم ،ولكنه أصرّ على الذهاب، فذهب واستعمل حيلته وذكاءه -كما ادّعى حسب روايته- ليقربهم من المقوقس، مما جعلهم يحظون بالهدايا والإكرام بينما أهمل المغيرة وازدراه وهو مالم يتوقعه ولم يعجبه فأكله الحسد وقرر أن يقتل رفاقه وهم راجعون الى بلادهم، وفعلاً قام خلال عودتهم بسقيهم الكثير من الخمر حتى أهمدتهم الكأس وناموا ،يقول المغيرة:"جعلت أصرف لهم وأترع لهم الكأس ، فيشربون ولا يدرون ، حتى ناموا سكراً ، فوثبت ، وقتلتهم جميعا ، وأخذت ما معهم" .
فذهب الى محمد في المدينة ومعه المسروقات ليشهر اسلامه ويتخلص بذلك من ملاحقة المطالبين بالقصاص.. 
رحّب به محمد قائلاً: «الحمد لله الذي هداك للاسلام»،  ثم سأله أبوبكر: «ما فعل المالكيون (يقصد رفاقه)؟ » ..قال: «قتلتهم، وأخذت أسلابهم، وجئت بها إلى رسول الله ليخمسها».
فقال له محمد: «أما إسلامك فنقبله، ولا آخذ من أموالهم شيئا، لان هذا غدر، ولا خير في الغدر» .
وهذه بادرة جيدة من محمد وإن كان المفروض أن يدفع دية القتلى ويرجع الأموال ولا تذكر السيرة إنه فعل ذلك ..
قال المغيرة :« إنما قتلتهم وأنا على دين قومي، ثم أسلمت الساعة».
فرد عليه : « فإن الاسلام يجب ما كان قبله » !!. 
وتطبيق هذا المبدأ بهذا الشكل يهدر الحقوق ويسهّل على المجرمين الإفلات من العقاب، لذلك يمكننا أن نستنتج أن أغلب من التحق بمحمد في تلك الفترة  كان من المجرمين وقطاع الطرق الذين يريدون أن يتخلصوا من تبعات أعمالهم !
وبالتالي تخلص المغيرة من المطالبين بالقصاص بينما تورّط عمه «عروة بن مسعود»  الذي تركه في ثقيف في دفع ديات القتلى ، ثم تشاء الصدف في صلح الحديبية أن يكون عمه هذا هو المفاوض عن كفار قريش.. 
حيث تروي الأحداث أنه خلال محاورة عروة بن مسعود مع محمد اقترب من منطقة محرمة وتطاول بوقاحة على مكانة النبوة فجعل يمس لحية محمد، وكان المغيرة قائماً على رأس محمد كالحارس وهو لا يعرفه لأنه كان مرتدياً قناع حديدياً لا يظهر وجهه، فقال لعمه محذراً  : «كفّ يدك قبل أن لا تصل إليك»..
فقال عروة: «من ذا يا محمد ؟ ما أفظه وأغلظه»، قال: «ابن أخيك»، فقال: «يا غُدَر ( و"غُدر" تصغير لفظة غادر)، والله ما غسلت عني سوأتك إلا بالامس» .. (يقصد الديات التي دفعها عن القتلى)
ونلاحظ في قصة المغيرة عدة أمور..

 الأول: -  ثقة محمد فيه رغم غدره وجعله حارساً شخصياً بعد إسلامه..

الثاني: -  إن نفاق الرجل الواضح يجعله يسعى للتقرب الى محمد بشكل سريع قبل أن تتوطد العلاقة بينهما..

الثالث:-  شخصية الداهية « الوصولي» المتزلف الذي يكلّف نفسه العناء لأجل الوصول إلى الأمراء والملوك بأي وسيلة وهناك عدة أمثلة تثبت هذا (2).. 

الرابع : - طريقة الغدر في المجزرة التي ارتكبها تنم عن شخصية خبيثة الطوية ومنعدمة الضمير..

ومن أمثلة غدره وخبثه ما حدث خلال حصار المسلمين للطائف وهي موطنه الأصلي، حيث كان مع المحاصرين بينما  كان "أبو محجن" أحد الرماة المهرة من أهل الطائف على رأس الحصن يرمي  المسلمين، فقال رجل من  مزينة لصاحبه :"إن افتتحنا الطائف فعليك بنساء بني قارب فإنهن أجمل إن أمسكت ، وأكثر فداء إن فاديت" . فسمعه المغيرة بن شعبة فقال :"يا أخا مزينة".. قال:" لبيك".. قال:" ارم ذلك الرجل" (يعني أبا محجن)، وإنما غار المغيرة حين ذكر المزني نساء قبيلته، وعرف أن أبا محجن رجل رام لا يسقط له سهم ، فرماه المزني  فلم يصنع سهمه شيئا ، فردّ عليه أبو محجن بسهم فوقع في نحره فقتله ، فقال المغيرة شامتاً :"منّى (أي أطمعَ) الرجال بنساء بني قارب" ، فقال له عبد الله بن عمرو بن عوف المزني ، وهو يسمع كلامه أوله وآخره:" قاتلك الله يا مغيرة أنت والله عرضته لهذا ، وإن كان الله تبارك وتعالى قد ساق له الشهادة .. أنت والله منافق . والله لولا الإسلام ما تركتك حتى أغتالك".. وجعل المزني يقول :"إن معنا الداهية وما نشعر.. والله لا أكلمك أبداً".. فطلب المغيرة من المزني أن يكتم ذلك عليه فرفض.. والحادثة تبين مدى خبث طوية هذا الرجل التي طالما تم تلميعها بوضعها تحت بند الدهاء والتخطيط السليم ، حيث كان يقال الدهاة أربعة: معاوية، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد. فتفاصيل مثل هذه حصلت أيضاً مع عمرو بن العاص ومعاوية وخالد بن الوليد ولكن عقل المسلم يرفض تحكيم العقل والضمير عليها ويتعامل معها كأنه يتعامل مع مقلب بسيط يؤكد خفة دم ذلك الصحابي.

أما كونه نكّاح للنساء وزانٍ ، فقد عُرف بحادثة الزنا المشهورة التي تؤكد عقم الشريعة الإسلامية وغباءها وبلادتها، حيث لا تسمي الزنا زناً إلا إذا رأى الشهود "الذكر يدخل في الفرج" (وعذراً للألفاظ ولكن اللفظ الإسلامي قد لا يكون واضحاً فالحديث يقول :"المرود في المكحلة" وهو نفس المعنى )... وبالتالي إذا مارس اثنان العلاقة الجنسية أمام الناس وفي وضح النهار فإنه لا يسمى زنا حتى يرون الأعضاء الجنسية وهي تتداخل وهو أمر شبه مستحيل عملياً، ولو رماهم أحد الناس بالزنا وشكا أمرهم إلى ولي الأمر فإنه سينال حد الجلد لأنه رمى المحصنين والمحصنات بما ليس فيهم ..وهو بالضبط ما حصل مع الصحابة الأجلّاء الذين رموا المغيرة بهذا الجرم ..
القصة موجودة في كتب الحديث وصحيحة بمجملها لكننا لن نكتفي بذلك بل سنسرد بعض التفاصيل المتنوعة من الكتب الأخرى والتي توضح ملابسات الموضوع  وإن كان الجزم بدقة التفاصيل متعسّراً لكثرة الكذب والإختلاق في الروايات عموماً، ولكن الذي يرجح صحتها إنها لم ترد في كتب الشيعة الذين طعنوا في المغيرة لعداوته لعلي بن أبي طالب بل في كتب السنة الذين حاولوا الدفاع عنه والإعتذار له قدر المستطاع باعتباره من كبار الصحابة وكونهم يعتمدون على رواياته في فقههم .. فرواياته في الصحيحين رغم إنك قد لا تجد فيهما رواية واحدة للإمام جعفر الصادق (الشيعي) مثلاً أو الإمام أبوحنيفة (السني) ..

تفاصيل القصة ....
 يقال فيما يروى إن المغيرة بن شعبة كان يخرج من دار الإمارة وسط النهار، وكان "أبو بكرة" يلقاه فيقول له: أين يذهب الأمير؟
فيقول: آتي حاجة. فيقول له: حاجة ماذا؟ إن الأمير يزار ولا يزور.
وكانت المرأة التي يأتيها جارة لأبي بكرة واسمها "أم جميل بنت عمر".  فبينما أبو بكرة في غرفة له مع أصحابه وأخويه نافع وزياد، ورجل آخر، يقال له شبل بن معبد، وكانت غرفة جارته تلك بحذاء غرفة أبي بكرة. فضربت الريح باب المرأة ففتحته. فنظر القوم فإذا هم بالمغيرة ينكحها. فقال أبو بكرة: "هذه بلية ابتليتم بها، فانظروا". فنظروا حتى أثبتوا. فنزل أبو بكرة فجلس حتى خرج عليه المغيرة من بيت المرأة، فقال له: "إنه قد كان من أمرك ما قد علمت، فاعتزلنا".  فذهب المغيرة ليصلي بالناس الظهر، فمنعه أبو بكرة، وقال له:" لا واللّه لا تصلي بنا وقد فعلت ما فعلت".
فقال الناس: دعوه فليصلّ، فإنه الأمير، واكتبوا بذلكم إلى عمر. فكتبوا إليه، فورد كتابه بأن يقدموا عليه جميعا، المغيرة والشهود.
كان الشهود أربعة:"أبوبكرة" ..."نافع بن الحارث"..."شبل بن معبد"... "زياد بن عبيد" أخو أبي بكرة لأمه...
ويقال بعد هذا إن عمر بن الخطاب جلس، ودعا المغيرة والشهود. فتقدم أبو بكرة. فقال له:" أرأيته بين فخذيها"، قال: "نعم واللّه، لكأني أنظر إلى تشريم جدريّ بفخذيها". فقال له المغيرة: " لقد ألطفت النظر". فقال له: "لم آل -أي لم أُقصّر- أن أثبت ما يخزيك اللّه به؟".. فقال له عمر:" لا واللّه حتى تشهد لقد رأيته يلج فيه كما يلج المرود في المكحلة"!!.
ثم شهد شبل ونافع بمثل شهادة أبي بكرة.. حتى جاء زياد (وهو الشاهد الرابع)..  فلما رآه عمر مقبلا قال:" إني لأرى رجلا لن يخزي اللّه على لسانه رجلاً من المهاجرين".. (ولا أدري إذا كانت ذلك من قبيل فراسة عمر أم إنه أراد أن يؤثّر على شهادته بطريقة غير مباشرة)..
ومن الروايات التي تدل على عِظم تأثّر عمر وتعاطفه مع المغيرة رواية الطحاوي حيث تقول :" إنه لما شهد عند عمر الشاهد الأوّل على المغيرة، تغير لذلك لون عمر. ثم جاء آخر فشهد، فانكسر لذلك انكساراً شديداً. ثم جاء رجل شابّ يخطر بين يديه، فرفع عمر رأسه إليه، وقال له: "ما عندك يا سلح العقاب"....الخ" (3)
قال المغيرة: فقمت إلى زياد، فقلت له: "لا مخبأ لعطر بعد عروس". ثم قلت: "يا زياد، اذكر اللّه، واذكر موقف يوم القيامة؛ فإن اللّه وكتابه ورسوله وأمير المؤمنين قد حقنوا دمي، إلا أن تتجاوز إلى ما لم تر ما رأيت، فلا يحملك شر منظر رأيته على أن تتجاوزه إلى ما لم تر، فو اللّه لو كنت بين بطني وبطنها ما رأيت أين سلك ذكري منها"!!!. فترنقت عيناه، واحمرّ وجهه، وقال: "يا أمير المؤمنين، أما أن أحقّ ما حق القوم فليس ذلك عندي؛ ولكني رأيت مجلسا قبيحا، وسمعت نفسا حثيثا وانبهارا، ورأيته متبطّنها"!!. فقال له: "أرأيته يدخله كالميل في المكحلة". فقال: "لا".
وقال غير هؤلاء: إن زيادا قال له:" رأيته رافعا برجليها، ورأيت خصيتيه تتردّدان بين فخذيها، ورأيت حفزا شديدا، وسمعت نفسا عالياً".   فقال له: " أرأيته يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة؟".. فقال: "لا". فقال عمر:" اللّه أكبر. قم إليهم فاضربهم". فقام إلى أبي بكرة، فضربه ثمانين، وضرب الباقين، وأعجبه قول زياد، ودرأ عن المغيرة الرجم. فقال أبو بكرة بعد أن ضُرِب: "فإني أشهد أن المغيرة فعل كذا وكذا". فهم عمر بضربه، فقال له عليّ : إن ضربته رجمت صاحبك(4). ونهاه عن ذلك.
يعني أنه إن ضربه جعل شهادته بشهادتين، فوجب بذلك الرجم على المغيرة.
 واستتاب عمر أبا بكرة. فقال:" إنما تستتيبني لتقبل شهادتي". قال: "أجل". قال:" لا أشهد بين اثنين ما بقيت في الدنيا". فلما ضربوا الحدّ قال المغيرة: "اللّه أكبر، الحمد اللّه الذي أخزاكم"!!. فقال له عمر: "اسكت أخزى اللّه مكانا رأوك فيه".  قال(الراوي): وأقام أبو بكرة على قوله، وكان يقول:" واللّه ما أنسى رقط فخذيها"!!. وتاب الاثنان، فقبلت شهادتهما. 
يذكر "خليل عبد الكريم" هذه الواقعة في كتاب "مجتمع يثرب"(5) بعدة روايات ثم يؤكد :"والخبر مشهور ورد في العديد من كتب السير والتواريخ ولا مطعن عليه - والمغيرة وقت حدوث الواقعة كان والياً للبصرة وهو بلا شك آنذاك قد جاوز الأربعين وقارب الخمسين (على أقل تقدير)  وعنده ولا شك أربع زوجات خلاف الإماء والجواري وملك اليمين ، فكيف كان حاله وهو شاب قوي في العشرين من عمره، ولم يراعِ أنه حاكم المصر وأحد الصحابة الذين يعتبرهم المسلمون قدوة وأسوة !!!".



ومع ذلك لا يستحي هذا الصحابي من هذه الحادثة وعندما يحاول عمر بن الخطاب تذكيره بقصته مع أم جميل فإنه يرد عليه بتعييره بقصته مع ابنة علي الصغيرة أم كلثوم (والتي ذكرنا قصتها في مقال سابق).

يروي الشعبي فيقول :"كانت أم جميل بنت عمر، التي رمي بها المغيرة بن شعبة بالكوفة، تختلف إلى المغيرة في حوائجها، فيقضيها لها.  وواقفت عمر بالموسم والمغيرة هناك، فقال له عمر: أتعرف هذه؟ قال: نعم؛ هذه أم كلثوم بنت عليّ . فقال: له عمر: أتتجاهل عليّ؟ واللّه ما أظن أبا بكرة كذب عليك، وما رأيتك إلا خفت أن أُرمى بحجارة من السماء".


-----------------------------------------------

(1)  يروي ابن عبد البر في كتابه "الإستيعاب في معرفة الأصحاب" إن المغيرة أحصن ثلاثمائة امرأة في الإسلام ويقال ألف امرأة. ونقل الذهبي عن المغيرة بن شعبة قوله : لقد تزوجت سبعين امرأة أو أكثر .. وهذه من المبالغات بلاشك إلا أذا كان الرجل المعروف بخبثه يلمّح إلى حالات الزنا التي ارتكبها.

(2)   كان المغيرة يقول:« ربما عرق الدرهم في يدي أرفعه ﻟ « يرفأ » (حاجب عمر ) ليسهل إذني على عمر » .. 
...ولذلك كان يقال أول من رشا في الإسلام المغيرة بن شعبة.. وهذا باعترافه شخصياً ، حيث كان يقول:" أنا أول من رشا في الإسلام، جئت إلى يرفأ حاجب عمر وكنت أجالسه فقلت :له خذ هذه العمامة فالبسها فإن عندي أختها ..فكان يأنس بي ويأذن لي أن أجلس من داخل الباب، فكنت آتي فأجلس في القائلة، فيمر المار فيقول إن للمغيرة عند عمر منزلة ،إنه ليدخل عليه في ساعة لا يدخل فيها أحد"(الإصابة لابن حجر ج 6 ص 197).. وهذا يدل على عدم صحة القصة الشهيرة "عدلت فأمنت فنمت يا عمر".. فهذا المغيرة من أصحاب بيعة الرضوان ولم يستطع الدخول على عمر إلا باستخدام الرشوة ...

(3)  أخرجه الطحاوي من طريق السري بن يحيى قال : ثنا عبد الكريم بن رشيد عن أبى عثمان النهدي قال : " جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ، رضى الله عنه فشهد على المغيرة بن شعبة فتغير لون عمر ، ثم جاء آخر . فشهد فتغير لون عمر ، ثم جاء آخر فشهد ، فتغير لون عمر ، حتى عرفنا ذلك فيه ، وأنكر لذلك ، وجاء آخر يحرك بيديه ، فقال : ما عندك يا سلخ العقاب ، وصاح أبو عثمان صيحة تشبهها صيحة عمر ، حتى كربت أن يغشى على ، قال : رأيت أمرا قبيحا ، قال الحمد لله الذي لم يشمت الشيطان بأمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأمر بأولئك النفر فجلدوا " . قال الألباني : وإسناده صحيح ، ورجاله ثقات غير ابن رشيد وهو صدوق وقد توبع.

(4) أخرج ابن أبي شيبة وعنه البيهقى عن قسامة بن زهير قال : " لما كان من شأن أبي بكرة والمغيرة الذي كان - وذكر الحديث - قال : فدعا الشهود ، فشهد أبو بكرة ، وشبل بن معبد ، وأبو عبد الله نافع ، فقال عمر حين شهد هؤلاء الثلاثة : شق على عمر شأنه ، فلما قدم زياد قال : إن تشهد إن شاء الله إلا بحق ، قال زياد : أما الزنا فلا أشهد به ، ولكن قد رأيت أمرا قبيحا ، قال عمر : الله أكبر ، حدوهم ، فجلدوهم ، قال : فقال أبو بكرة بعدما ضربه : أشهد أنه زان ، فهم عمر رضى الله عنه أن يعيد عليه الجلد ، فنهاه على رضى الله عنه وقال : إن جلدته فارجم صاحبك ، فتركه ولم يجلده " . قال الألباني : وإسناده صحيح .

(5)  كتاب "مجتمع يثرب" ص 57-60.