السبت، 6 فبراير 2016

أوقفوا طغيان لغة القرآن





إهمال اللهجة العامية من أسباب تخلفنا !!... فهي لم تأخذ نصيبها من الإهتمام ... رغم إن الناس يتواصلون بها يومياً بل وحتى في أكثر البرامج التلفزيونية التي أصبحت بوابة الثقافة الرئيسية لعموم الشعب نجد اللهجة العامية هي لغة التواصل ... وهي تشكل البوتقة التي تحمل الثقافة الشعبية وهموم الناس... ومع ذلك لم تجد طريقها إلى الكتابة ...فلا صحف تجدها مكتوبة بهذه اللهجة ولا مراجع ولا قواميس لها.... ويمكننا أن نقول إن الثقافة العامية قد ظُلمت في هذا المجال ....
لا يمكنك أن تجد في القواميس العربية الكلمات العامية التي تنبثق وتتجدد يومياً ... في حين إن أغلب الكلمات العربية الفصحى في القواميس تعتبر مهجورة ... أو بعبارة أخرى ميّتة .... فاللغة العربية لا تتفاعل مع الواقع ... وترفض بعناد أي مصطلحات دخيلة عليها بحجة إنها تمتلك قداسة خاصة بكونها لغة القرآن .... أي أنه علينا إكراماً للقرآن أن نترك لغتنا التواصلية للقرآن وأهله ... بينما تظل لغتنا  التواصلية التي تحمل معاناتنا وهمومنا اليومية منفصلة عن الأوساط الثقافية وليس هناك ما يمثلها إلا المسلسلات الكوميدية والمسرحيات الهزلية .... والسؤال هنا أليس خطراً على وعينا الجمعي أن تكون لغتنا التواصلية الحقيقية على أرض الواقع -ألا وهي اللهجة العامية- وعاءاً لكل ما هو  هزلي ولا عقلاني ولا أخلاقي ؟ ...
قارن هذا الواقع مع حالة أخرى يتعلم فيها الطفل بالمدرسة كتابة اللغة التي ينطق بها أبواه كل يوم وبشكل يجعله يحترم هذه اللغة التواصلية .... وبشكل لا يجعله يعيش حالة انفصام بين أخلاق الكتب وأخلاق الواقع .... لأن هذه الحالة هي التي تعزز  اللاعقلانية في عقول الناس ...  وبُعد مثقفي الأدب الشعبي وشعراء اللهجة العامية عن الواجهة الثقافية هو أحد مفرزات هذا الواقع .... ووجود هذا التهميش  هو الذي يجعلنا نسلب اسم "المثقف" من الشاعر الشعبي  ... فالحجْر الذي فرضه حماة اللغة القرآنية  على هذه اللهجة أبعد عنها الدارسين ... حتى لا تكاد توجد معاجم ولا دراسات نحوية في حين إننا لا يمكن أن ننكر أنها كوّنتْ قواعد نحوية خاصة بها .....
والذي يلاحظ التطور الذي حصل للغة الإنجليزية مثلاً مقارنةً باللغة العربية يدرك كم هي اللغة الإنجليزية حيّةً متطورةً وكم هي اللغة العربية ميتة ومتحجرة.... فقواميس هذه اللغة تواكب التغيّرات والمصطلحات التي تستجدّ على الساحة بشكل سريع .... فإذا استقريت محتواها وجدت الكلمات القياسية .... ثم الكلمات الغير قياسية .... ثم العامية .... ثم الكلمات الشوارعية والبذيئة .... كلها مسجلة ومرصوصة جنباً إلى جنب.....
وإذا أردت أن تفعل هذا في اللغة العربية فربما ستضطر إلى خلق قواميس لكل بلدٍ عربي.... وبالتالي  ستنهار تلك الوحدة الدوجمائية المزيفة للغة العربية .... وسينهار أول الأصنام الذي يعيق التطور .... وبتشكل الهوية المحلية سيجد الإصلاح طريقه إلى عقلية هذه الشعوب عن طريق رفع مكانة الثقافة المحلية بلهجتها المحلية ...فلا بقاء لشعوب لا تحترم لغتها التواصلية..     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق