الثلاثاء، 27 يونيو 2017

كيف انتقم محمد من أعداءه

الصراعات هي التي تكشف جوهر الأخلاق لدى المتصارعين، وتمكّن من تحليل ما بُنيت عليه النفوس وما فُطرت عليه القلوب؛ مهما حاول أصحابها إخفاء ذلك..
ومما فتح الله به عليّ في هذا المجال إن طريقة الإنتقام أو الأخذ بالثأر من العدوّ  وتحديداً التفاصيل التي تحدث أثناء موقف القصاص أو الإنتقام هي التي تكشف أكثر من أي شيءٍ آخر جوهر الأخلاق ، فجوهر الخلق يكمن في المكان الذي ترمي فيه عدوّك وتتخلص فيه منه..
كيف تتمنى أن تتخلص من عدوك إذا تمكّنت منه ؟!
هل سترميه في السجن.... أم إنّكٙ ستحكم عليه بالإقامة الجبرية.. أو تضعه تحت المراقبة... أو تنفيه الى خارج الوطن.... أو تحرقه أو تقتله وترميه في حفرة عميقة أو في الزبالة.
فإذا رميته في الزبالة-وهذا أشنع الأمور- فهذا مؤشّرٌ على أمرٍ خطير وخلقٍ غير محمود، لأن هذا النوع من الإنتقام يعني إن قلبك وضميرك هما "الزبالة" أي أن أخلاقك أوسخ مما يتخيله بشر، وإذا رميته في حفرة عميقة فهذا إشارةٌ إلى عمقِ الحقدِ فيك، وإذا نفيته إلى مكانٍ ما خارج الوطن فبقدر ما يكون في ذلك المكان من شظف وسوء معيشة ومهانة تكون أخلاقك ، وإذا حكمت عليه بتقييد الإقامة في المنزل فهذا يدل على إن تربيتك مقيّدة بالأخلاق العائلية ،وإذا رميته في سجن معزول ومنعت عنه الزيارات فهذا يدلّ على إنك تخشى مواجهة نفسك وما فيها من أحقاد ونقص وتخاف أن يطّلع عليها الناس... وهلمّ جرّا.
كتبت هذا المقال بمناسبة ما فعله جنود حفتر حين هاجموا إحدى تجمعات "الإرهابيين" غرب بنغازي، حيث رموا بهؤلاء "الإرهابيين" في القمامة ثم أمطروهم بالرصاص ، وبالمناسبة لم نعد نعرف من هو "الإرهابي" في هكذا مواقف، لكن الإعلام دأب على تسميتهم إرهابيين والبعض يسميهم ثوار.
المهم في الموضوع إن ثمّة متطرفين سلفيين في كلا الطرفين، فحفتر يستعين بالسلفيين المداخلة وهم يوفرون له الفتاوى المناسبة للإنتقام من الأعداء، وكذلك الطرف الآخر يستعين بأنصار الشريعة ، وكلاهما ذو خلفية سلفية. لذلك لا نستغرب إذا كان محمد وأصحابه هم السبّاقون في هذه الأفعال الشنيعة، فالرسول رمى أعداءه من المشركين في بئر بدر بعد قتلهم ولم يوفر لهم دفناً مشرّفاً رغم إن المسلمين عادةً ما يستدلون بآية "ولقد كرّمنا بني آدم" حين يتعاملون مع الميت أياً كانت ديانته.
وبالتالي لم يكن قتال محمد لأعداءه من قبيل ردع العدو ونشر الدين بل للإنتقام، وشكل هذا الإنتقام ينبئ عن حقد دفين "عميق" بعمق بئر بدر، كما كان أتباعه السابقون والمعاصرون بانحطاط أخلاقهم أوسخ من الزبالة التي يرمون فيها أعداءهم.
هكذا هي قلوب المسلمين أما المسيح فيقول : " وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،
لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق