الأربعاء، 28 يونيو 2017

الخوارج.. تلاميذ مدرسة القرآن

هذه الفرقة هي التي فضحت المسلمين قديماً وها هي تفضحهم حديثاً في صورتها العصرية "داعش"، ولو سألتَ جميع العلماء عمّا ترتكبه داعش وهل هو مخالف للإسلام .. لعجز عن إثبات ذلك !
في الحقيقة لم يكن الخوارج يختلفون عن بقية المسلمين في شيء إلا في خروجهم على الحكام ولم يكونوا في بدايتهم أصحاب عقيدة ولا فكر بل كانوا عبّاداً زهّاداً على طريقة أبي بكر وعمر .. حتى إن الشهرستاني يقول في الملل والنحل :" كل من خرج على الإمام الحقّ الذي اتفقت الجماعة عليه يُسمى خارجياً" .. ولو وجد تعريفاً جامعاً مانعاً أكثر من هذا لذكره..
لذلك وُضعت عنهم الاحاديث في عهد الدولة الاموية .. وصاغوا حديثاً غريب الشكل والمضمون يقول:"الخوارج كلاب أهل النار" .. صححه الألباني رغم إنه يعلم إن اسم الخوارج لم يظهر إلا في وقت متأخّر..
وحين نحاول تتبّع تاريخ هذه الفرقة نجدهم ينسبونها الى موقف بسيط يقوم فيه محمد بتقسيم الغنائم فيعترضه " رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ،مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ،مَحْلُوقٌ .. فَيقولَ:" اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ".. فَيرد عليه محمد:" مَنْ يُطِعْ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي؟".. فَيسأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ (يقول الراوي: أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ) فَيمَنَعَهُ محمد.. فَلَمَّا وَلَّى.. قَالَ:" إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا ،أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا، قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ". (صحيح البخاري)
ويدّعون بهذا الحديث إن محمداً تنبّأ بظهورهم ، والغرض من هذه الأحاديث –بما فيها من الزيادات المختلقة - هو تنفير المسلمين منهم، لأن أعمالهم كانت مطابقة للإسلام بشكل يفتن المسلم العادي ويجعله يحتار في أمرهم.. وعندها لا يجد الفقهاء ما يرقعون به الموقف إلا اختراع هذه الأحاديث التي لا تأتي بخلاف حقيقي بين صورة الإسلام المحمدي والإسلام الخوارجي .. إلا كونهم على غير هوى السلطان كما كانوا في عهد الدولة الأموية ..
هناك حديث يترجم التماهي والإمتزاج بين الإثنين وعدم وجود خلاف حقيقي عدا الهوى والمزاج الغيبي للنبي محمد..
ففي السلسلة الصحيحة للألباني ( الحديث رقم 2495 ) أن محمد مرّ برجل ساجد - و هو ينطلق إلى الصلاة - فقضى الصلاة و رجع عليه وهو ساجد ، فقام النبي فقال : "من يقتل هذا ؟".. فقام رجل فحسر عن يديه فاخترط سيفه و هزّه ثم قال : "يا نبي الله ! بأبي أنت و أمي كيف أقتل رجلاً ساجداً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده و رسوله ؟".. ثم قال : "من يقتل هذا ؟".. فقام رجل فقال :" أنا" . فحسر عن ذراعيه واخترط سيفه وهزّه حتى ارعدت يده فقال : " يا نبي الله ! كيف أقتل رجلاً ساجداً يشهد أن لا إله إلا الله ، و أن محمداً عبده و رسوله ؟".. فقال النبي: " والذي نفسي بيده ، لو قتلتموه لكان أول فتنة و آخرها "!! .



وبالتالي فإن مما يدل عليه الحديث إنّه لا فرق يُذكر بين المسلم والخوارجي إلا كثرة التعبّد بالصلاة ، وهذا أمر غير منطقي بالمرة لا يدلّ إلا على إن الذين يأخذون الإسلام بشكل جدّي مؤهّلون أكثر من غيرهم لأن يكونوا خطراً حقيقيّاً على المجتمع ، وهكذا كانوا طوال التاريخ الإسلامي. و رغم عدم شكّنا في اختلاق الحديث فإن اختلاقه بهذا الشكل يدلّ على حيرة المسلمين في إيجاد فارق حقيقي بين الإسلام وأفعال الخوارج !..
وهناك شهادات متنوعة عن تقوى الخوارج وإخلاصهم وصدقهم في كتب السيرة والتاريخ ، حتى إن علماء الحديث كانوا يثقون في ما يرويه الخارجي أكثر من ثقتهم في أحاديث أهل السنة..
يقول عنهم ابن عباس حين التقى بهم لأول مرة :" فدخلت على قوم لم أر قوما قط أشد اجتهاداً منهم ، أيديهم كأنها ثفن الابل ، ووجوههم معلمة من آثار السجود!"..
ورغم هذا لم يكن هؤلاء العباد الورعين يتورعون عن قتل الأطفال والنساء كما تفعل داعش اليوم ، وإذا أخذنا اعتبارات الصدق والإخلاص والحرص على تطبيق القرآن والحديث فإنه يمكن استنتاج إن الصورة التي طبّقوها للإسلام هي الإسلام الحقيقي التي كانت في عهد أبي بكر وعمر، بل يمكننا أيضاً تحكيم أفعالهم على الحديث النبوي لنعرف الصحيح من الموضوع ، ومن الأمثلة على ذلك حديث "الأئمة من قريش"، فهم كانوا يرفضون اشتراط كون الأمير قرشياً .. والتحليل الصحيح للتاريخ يشهد لوجهة نظرهم بالصحة و يضع الحديث على المحك، فهل يُعقل أن يكون هذا الحديث مجهولاً عند الصحابة الذين اجتمعوا في السقيفة بعد موت محمد، بحيث أصبحوا يتنازعون الإمامة بين القرشيين وأهل المدينة، ولم يستدل أحدٌ منهم بهذا الحديث ؟!.
فالخوارج هم الثمرة الحقيقية للإسلام الصحيح ، والثمرة الحقيقية للتربية القرآنية التي ظهرت لمحمّد بوادرها قبل وفاته حين اكتشف إن مدرسته القرآنية لا تُخرّج إلا القتلة والسفاحين..حتى إنّه قال "أكثر منافقي أمتي قراؤها" (صححه الألباني).. لئلا يغترّ أحدٌ بأي مسلم يتلو القرآن ويتعبّد به ..والمقصود طبعاً إخراج مطبّقي الشريعة القرآنية عن مُسمى الإسلام، وهذا مستحيل مع كونهم يطبّقون الشريعة بحذافيرها ، لذلك لجأ الى وصف النفاق الذي يعني الكفر الخفي ..
فبالله عليكم ما جدوى كلام الله إذا لم يقم بتربية أخلاق المؤمنين به ؟ .. وكيف يتوجّس نبي مرسل من الله في المتعبدين بتعاليمه بهذا الشكل إلا إذا كان لا يؤمن بأنها من الله حقّاً ؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق